يتأثر سعر الذهب عادةً بالتغيرات الاقتصادية والأحداث الجيوسياسية والتضخم الذي اجتاح أغلب البلدان، وتسبب في ظهور فجوات وعدم استقرار اقتصادي كبير، أدى إلى ظهور طفرات سعرية غير مسبوقة.
ما هو تأثير التضخم على أسعار الذهب؟ وهل تتأثر الأسعار بالتضخم العالمي أم المحلي؟ وما هي العلاقة بين التضخم وسعر الذهب ومعدل الفائدة؟ سنتعرف على كل هذا وأكثر من خلال السطور القادمة.
ما هو التضخم وكيف يُعرّف اقتصاديًا؟
التضخم هو زيادة معدل ارتفاع الأسعار خلال فترة محددة، مما يؤدي إلى فقدان القوة الشرائية للعملة، حيث يعاني الأفراد من ارتفاع تكلفة المعيشة في نفس مكان الإقامة بشكل كبير مقارنةً بالسابق.
غالبًا ما يظهر تأثير التضخم بشكل واضح على السلع الاستهلاكية مثل الطعام ووسائل النقل وغيرها، وقد يؤدي التضخم إلى ركود بعض السلع الأخرى نتيجة إحجام الكثيرين عنها واعتبارها سلعًا ترفيهية يمكن الاستغناء عنها مقابل تلبية السلع والخدمات الأخرى الأكثر أهمية.
بينما يظهر تأثير التضخم بوتيرة أبطأ في بعض المجالات الأخرى مثل الأجور المحددة بعقد، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للمستهلكين.
ومن جهة أخرى، قد يكون التضخم فائدة لبعض الأفراد، كما هو الحال عند الحصول على قرض بنسبة محددة، فمع التضخم تقل القيمة الحقيقية للنسبة، ويدفع الشخص القيمة الأساسية للخدمة خلال تلك الفترة.
ما هي العلاقة بين معدلات الفائدة والتضخم وسعر الذهب؟
وفقًا للنظريات الاقتصادية على مدى السنوات السابقة، فإن انخفاض أسعار الفائدة يؤدي إلى زيادة التضخم.
وتعرف الفائدة أو تكلفة الاقتراض بأنها المعدل الذي يعتمده البنك المركزي عند إقراض الأموال للمؤسسات.
تظل العلاقة بين أسعار الذهب ومعدلات الفائدة معقدة جدًا وتتأثر بمجموعة من العوامل، ولكنها بشكل عام علاقة عكسية؛ فكلما زادت الفائدة، انخفض الطلب على الذهب، وبالتالي انخفضت أسعاره.
تشمل العوامل المؤثرة على علاقة الذهب بالفائدة التالي:
التضخم
يرى الكثيرون أن الذهب هو أفضل وسيلة للتحوط ضد التضخم الذي يرتفع بانخفاض أسعار الفائدة، وبالتالي فإن العلاقة بين الذهب والتضخم علاقة طردية.
فعند زيادة وتيرة التضخم، يزداد الطلب على الذهب لتخزين الثروة، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعاره، والعكس صحيح عند انخفاض التضخم.
الظروف الاقتصادية
تلجأ الحكومات والبنوك المركزية إلى خفض أسعار الفائدة لتحفيز نمو الاقتصاد، وهنا يزداد شراء الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا.
بينما عندما ترفع البنوك المركزية الفائدة لمواجهة التضخم، يتوجه الأفراد إلى امتلاك الأصول المدرة للفائدة ويقل الإقبال على الذهب.
تكلفة الفرصة
يزداد الإقبال على الاستثمار في الأصول والسندات التي تدر فائدة عند ارتفاع معدل الفائدة، بينما تظل أسعار الذهب ثابتة أو قد تقل تدريجيًا مع انخفاض الطلب.
قوة العملة
قد يؤثر التغير في سعر الفائدة على قوة العملة، مما يدفع الأفراد إلى الاستثمار في الذهب.
وبما أن الدولار من أبرز العملات التي تستخدم لتسعير الذهب، فإن انخفاضه يؤدي بالطبع إلى ارتفاع سعر الذهب.
وعلى النقيض، عندما يرفع الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة، تزداد قوة الدولار وينخفض سعر المعدن الأصفر.
هل يؤدي التضخم دائمًا إلى ارتفاع أسعار الذهب؟
التضخم هو أحد العوامل المؤثرة في سعر المعدن الأصفر، وبالتالي حتى لو ارتفع معدل التضخم قد تنخفض أسعار الذهب لأسباب أخرى.
فعلى سبيل المثال، عند ارتفاع التضخم تلجأ الحكومات إلى رفع سعر الفائدة، مما يؤدي تباعًا إلى انخفاض سعر الذهب، خاصةً إذا رفع البنك الفيدرالي الفائدة، إذ تتعلق أسعار الذهب عالميًا بقرارات البنك الفيدرالي.
وبناءً على ذلك، أشار بعض رؤساء شركات إدارة الثروات إلى أن أسعار الذهب قد لا تتوافق مع معدلات التضخم على المدى المتوسط والقصير، وقد يظل سعر الذهب محايدًا في بعض الأوقات.
هل يتأثر سعر الذهب بالتضخم المحلي أم العالمي؟
تتأثر أسعار الذهب عادةً بالتضخم المحلي والعالمي، فعند ارتفاع معدل التضخم في مصر، تتأثر قوة الجنيه المصري الشرائية، مما يسبب ارتفاع أسعار الذهب في مصر.
كذلك تؤثر معدلات التضخم العالمية، خاصة تلك المرتبطة بالدولار، على سعر الذهب العالمي وبالتالي على أسعاره في بلدان العالم الأخرى.
ما هي توقعات أسعار الذهب في حال استمرار التضخم؟
يتوقع المحللون والخبراء أن يسجل الذهب أسعارًا وأرقامًا قياسية جديدة في المستقبل القريب مع استمرار التضخم، خاصةً بعد أن لجأت أغلب البنوك إلى خفض أو تثبيت الفائدة في الفترات الأخيرة.
بينما يرى الخبراء احتمالية انخفاض الذهب مرة أخرى في نهاية عام 2025، مع وجود تكهنات بارتفاع الفائدة نهاية هذا العام.
هل الاستثمار في الذهب هو الخيار الأفضل لمواجهة التضخم؟
يعد الذهب من أكثر الأصول أمانًا على مر السنين، منذ استخدامه كعملة للتبادل حتى أصبح يمثل قوة تمتلكها الدول.
وبالتالي، لا يزال الاستثمار في الذهب من أفضل الخيارات للحفاظ على الثروات في مواجهة التضخم وتراجع قيمة العملة، الذي قد يؤثر على الأموال السائلة أو الأصول الأخرى.
لذا، لا تتردد في اقتناء الذهب للحفاظ على ممتلكاتك، مع ضرورة أخذ بعض النقاط الهامة في الاعتبار:
- متابعة سعر الذهب عن كثب والاطلاع على الأسعار السابقة والتاريخية للمعدن الأصفر.
- تحديد التقلبات التي شهدها الذهب على مر التاريخ لاستنباط تحركات السعر المستقبلية، ومعرفة مناطق الانخفاض التي يمكنك شراء الذهب عندها لتحقيق الأرباح.
- لا تتخلى عن مقتنياتك الذهبية إلا للضرورة القصوى، ولا تهاب فترات الانخفاض الوهمية. واعلم أن الذهب من الاستثمارات طويلة الأجل التي قد لا تحقق أرباحًا كبيرة على المدى القصير.
- حاول تنويع استثماراتك بين الذهب والأسهم والسندات.
- تأكد من شراء الذهب من أماكن معتمدة وموثوقة، واعتمد شراء السبائك والعملات المعدنية، فهي أفضل من المشغولات التي قد تكلفك أموالًا إضافية.
- تأكد من وجود مكان آمن لتخزين الذهب.
ختامًا: تتغير مؤشرات سعر الذهب بين الحين والآخر وفقًا لمجموعة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية، ويلعب التضخم وسعر الفائدة دورًا ملحوظًا في تغير أسعار الذهب في مختلف بلدان العالم. لذلك، ينبغي الاطلاع على آراء المحللين قبل بيع أو شراء الذهب لتحقيق الأرباح المنشودة وتجنب الخسائر.
محلل وخبير في سوق الأوراق المالية والذهب وعضو بإدارة شركة جولد إيرا لتجارة والاستثمار في الذهب والمعادن النفيسة